عرض حماس ومطالب عباس..
الكاتب: ابو فاروق
يرى البعض أن بؤس الأوضاع في قطاع غزة بسبب الحصار هو الذي يقف خلف تصريحات إسماعيل هنية بشأن الوضع المؤقت في قطاع غزة على خلفية الحديث عن حوارات ستجري بعد العيد بين فتح وحماس، لكن ذلك لا يبدو صحيحاً بحال، ونتذكر أن حماس ومنذ اليوم الأول قد تحدثت عن أن ما جرى لا يعدو أن يكون إجراءً أمنياً لا ينطوي على بعد سياسي، وأنها تعترف بشرعية الرئيس الفلسطيني وتؤكد على اتفاق الشراكة في مكة، وأن ما فعلته هو فقط من أجل وقف مسلسل الانفلات الأمني الذي استمر رغم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
ما لم تحسب حماس حسابه هو أن يتصرف الطرف الآخر على هذا النحو الرافض لكل عروض الحوار، هي التي اعتقدت أن بالإمكان العودة إلى حكومة الوحدة الوطنية بعد إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، ولا شك أن جماعة السلطة قد وجدوا فيما جرى فرصة لتصفية الحساب السياسي مع الحركة، فيما حضر النفوذ الأمريكي سريعاً عبر الدعوة إلى مؤتمر الخريف، ولكي يغدو الحوار محظوراً قبل انعقاد المؤتمر. ومن يعتقد بإمكانية استعادة القطاع من دون دفع مستحقات الشراكة السياسية، وبالطبع بعد استئناف المفاوضات مع الإسرائيليين، لن يبادر إلى إعادة الوضع إلى ما كان عليه، وما كان عليه هو حكومة وحدة تقودها حماس.
الآن يرد الرئيس الفلسطيني على كلام هنية باستعادة ذات الشروط القديمة القائلة بالعودة عن الانقلاب قبل الحوار، الأمر الذي لا يبدو منطقياً بحال ويخالف جميع الأعراف السياسية حتى مع الأعداء، فضلاً عن الإخوة والأشقاء.
إنها دعوة إلى الاستسلام الكامل وغير المشروط، ولو استجابت لها حماس اليوم لأضاف الرئيس الفلسطيني شروطاً أخرى كالتي تحدث عنها سابقاً من قبيل الاعتذار للشعب الفلسطيني، ومن ثم الاعتراف بكل مفردات أوسلو وما قبلها وما بعدها، إضافة إلى الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلاً شرعيا ووحيداً للشعب الفلسطيني، حتى قبل إعادة تشكيلها. ولا ندري إن كان ثمة شروط أخرى يمكن اختراعها في سياق التخلص من مسار الحوار.
بإعلانها أن الوضع في القطاع مؤقت، وتوفر إمكانية العودة عنه من خلال الحوار، وقبل ذلك الموافقة على تسليم المقرات الأمنية للجانب المصري، يمكن القول أن حماس قد أكدت حسن نواياها وحرصها على الوحدة الوطنية، بينما لم يتقدم الطرف الآخر أية خطوة على هذا الصعيد، على العكس من ذلك تبدو إجراءاته اليومية في الضفة الغربية تأكيداً على مضيه في مطاردة حركة حماس بدعوى الحيلولة دون تكرار انقلابها في قطاع غزة في الضفة الغربية، ولا يعرف كيف يمكن لمن يعرض إعادة القطاع إلى الوضع القديم، وإن بتغييرات أمنية ضرورية للناس والسلطة في آن، أن يكرر ما فعله في الضفة، هو الذي يعلم أنها مستباحة بالكامل من قبل قوات الاحتلال؟!
إنهم يدركون أنه لو توفرت الفرصة اليوم لتكرار ما جرى في القطاع في الضفة الغربية لما تورطت فيه حماس، اللهم إلا إذا أرادت حل السلطة وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل أوسلو، الأمر الذي لن يسمح به الإسرائيليون ولا الأمريكان ولا العرب أيضاً، فضلاً عن جماعة السلطة وبعض قيادات فتح.
من هنا يمكن القول إنه آن الأوان لانطلاق الحوار من دون ربطه بمؤتمر الخريف، والشروط المسبقة التي لا تتوفر مع العدو ينبغي أن لا تقتصر على الأخ والشقيق، وإلا فلماذا لا تشترط السلطة لمشاركتها في مؤتمر الخريف أن يعود الإسرائيليون عن مصادرة 1100 دونم من أراضي القدس، مع علمها بحساسية الأمر لجهة تواصل الكيان الفلسطيني العتيد القادم، فضلاً عن أن يوقفوا الاغتيالات والاجتياحات اليومية؟!